[center]التأمل الروحى
" قف وتأمل عجائب الله " ( أيوب 37 : 14 )
+التأمل : هو نظرة عميقة ، وفكر أعمق من الفكر العادى ، ومنه التأمل الروحى ، والتأمل العقلى لحل مشكلة أو فى التفكير فى إبداع أدبى أو إختراع أو بحث علمى ، فى مجال التخصص ، وغيرها من المجالات العلمية .
+ وهنا نركز على " التأمل الروحى " : وفيه يتدرب الإنسان الحكيم على استخراج الروحيات من الماديات أو التأمل فى أشياء صغيرة ذات معان روحية كبيرة ، وذلك لتنمية ملكة التأمل ، وأخذ الدرس للنفس ، مثل التأمل فى الطبيعة الجميلة ، التى خلقها الله ، الفنان الأعظم ، وضابط الكل ، كما قال الشاعر أحمد شوقى :
هذى الطبيعة قف بنا يا سارى حتى أريك بديع صُنع البارى
+ وكما يقول المرنم : " السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه " ( مز 19 : 1 ) ، وهنا نتدرج فى التأمل من الطبيعة إلى عظمة الله خالقها ، أو إلى حنو الله المهتم بها .
+ ويطالبنا الرب بتأمل " الزهور " الجميلة الألوان ، التى تعمر قصيراُ ثم تموت ، ومع ذلك تُعطى الفكر بأن الله يهتم بخليقته ، مهما كانت محدودة العمر ، ويدعونا أيضاً لتأمل " الطيور " فهى لا تزرع ولا تحصد ولكن الله يهتم بها ويقوتها ( مت 6 : 26 – 30 ) ( ومنها الغربان التى عالت إيليا وقت المجاعة وأنبا بولا أول السواح ) !! .
+ ويدعونا سليمان الحكيم ، إلى التأمل فى " النملة " التى لا تهدأ عن العمل والنشاط الدائم ، وفى قمة النظام : " اذهب إلى النملة أيها الكسلان ، تأمل طرقها وكن حكيماً " ( أم 6 : 6 ) . فلم نرى فى حياتنا كلها نملة واحدة واقفة بلا عمل ، إنها دائمة الحركة ، دائمة العمل ، لا تهدأ ، كما أن جماعات النمل تعطينا درس عجيب فى التعاون ، لمن يتأمل عملها الجماعى ، ودرس فى العمل الشاق عندما تحمل النملة أشياء توازى عشرات حجمها ، وأيضاً درس فى النظام ، إذ تسير فى طابور طويل ، متجهة نحو هدف ثابت ، وباتصالات عجيبة بين بعضها البعض .
+ وقال الكتاب : " خرج إسحق ليتأمل فى الحقل ، عند إقبال المساء " ( تك 24 : 63 ) ، وكان السيد المسيح يأخذ تلاميذه إلى الحقول والجبال وشواطئ البحار ، ويعطيهم الأمثال من الطبيعة ، والتأمل فيها بعمق ، مما يفتح آفاق الذهن للمعرفة ويُريح القلب ، ويدعو اللسان إلى شكر الله ، على عظيم كرمه وإبداع خلقة ، وعطاياه الروحية والمادية .
+ وقال داود النبى للرب : " بصنائع يديك أتأمل " ( مز 143 : 5 ) والأجمل التأمل فى صفات الله " يتأملون فيك " ( إش 14 : 16 ) ، " وقف وتأمل عجائب الله " ( أى 37 : 14 ) ، سواء لك أو لغيرك ، وخذ الدرس العملى من أعمال الله العجيبة ، ووقت الإستجابة .
+ ومن أهم مجالات التأمل : التفكير العميق فى المستقبل الأبدى ، وكيف سيكون ؟ وهل سيعيش المرء فى راحة وفرح ؟! أم فى شقاء وحزن وعناء ؟! وهل سيكون مع الله ؟! أم مع عدو الخير ؟
+ وقال أيوب عن الأشرار : " كل طرقة لم يتأملوها " ( أى 34 : 21 ) .
+ وقال الرب عن بنى إسرائيل : " إنهم أمة لا بصيرة ( حكمة ) فيهم ، لو عقلوا لفطنوا بهذه ( الحياة الأبدية ) وتأملوا آخرتهم " ( تث 32 : 28 – 29 ) ، أى ما هو مصيرهم الأبدى : هل هو سعيد أم تعيس إلى الأبد ؟! .
+ وتذكُر سيرة القديس يوحنا القصير ، أنه رأى إمرأة وعلى وجهها مساحيقاً كثيرة للزينة ، فقال لتلاميذه : " صدقونى ليس فينا من الحرص على إرضاء الله ، ما فى هذه المرأة ، من الحرص على إرضاء الناس " !! وهو درس هام لكل نفس .
+ ويقول قداسة البابا شنودة الثالث : " كل شئ يصادفنا ، يمكننا بالتأمل فيه ، أن نستخرج منه معنى روحياً ، وذلك بعمل الروح القدس فينا " ( 1 كو 2 : 10 ) .
+ فخذوا ( يا أخوتى وأخواتى ) هذا التدريب ، ونفذوه عملياً ، تنتفعون كثيراً .
[/center]