فقالت راعوث الموآبية لنُعمي: دعيني أذهب إلى الحقل وألتقط سنابل... فذهبت وجاءت والتقطت في الحقل وراء الحصادين ... ( را 2: 2 ، 3)
الالتقاط الروحي معناه أن يخصص المؤمن لنفسه البركات الروحية التي منحها الله له. ويتطلب الالتقاط بعض الشروط والأوصاف، وهذا ما نجده واضحًا في راعوث.
أولاً: تميزت بروح التواضع والخضوع: قالت لنُعمي «دعيني أذهب (الآن) إلى الحقل وألتقط»، وقالت أيضًا للعبد: «دعوني ألتقط». إنها لم تعمل بالاستقلال عن الآخرين الذي هم أكبر وأكثر خبرة منها. إنها لم تحتقر القيادة والمشورة. ولم تعانِ من إرادة ذاتية غير منكسرة، لتفعل ما يحسن في عينيها. والخضوع والتواضع يرتبطان معًا بروح الله. والإنسان المتكبر لا يريد أن يخضع لأحد. والإرادة غير المنكسرة هي أكبر عائق للنمو في النعمة.
ثانيًا: تميزت راعوث بالاجتهاد: فنقرأ أنها «جاءت ومكثت من الصباح إلى الآن. قليلاً ما لبثت في البيت» (ع7)، ونقرأ أيضًا أنها «التقطت في الحقل إلى المساء» (ع17). أ فلا يوجد نقص عظيم في الاجتهاد لدى المؤمنين في أمور الله إننا نُظهر اجتهادًا كافيًا في أمور هذا العالم، ولكن للأسف فإننا غالبًا ما نصرف وقتًا قليلاً من حياتنا في أمور الله. أ نجتهد في درس الكلمة أ نجتهد في الصلاة قد نحتج بأن سرعة إيقاع الحياة ومشكلاتها لا تترك لنا إلا وقتًا قليلاً. ولكن يبقى السؤال: كيف نصرف الوقت القليل الذي نمتلكه
ثالثًا: كانت راعوث مثابرة. فإنها لم تجتهد يومًا وتكاسلت في اليوم التالي. ولكنها «لازمت فتيات بوعز في الالتقاط حتى انتهى حصاد الشعير وحصاد الحنطة» (ع23). ظلت تلتقط يومًا فيومًا حتى نهاية كل من حصاد الشعير وحصاد الحنطة. ويُمتدح أهل بيرية بصفة خاصة لا لكونهم فقط يفحصون الكتب، بل لأنهم كانوا يفحصونها كل يوم ( أع 17: 11 ). إنه من السهل أن نجتهد يومًا، ولكن أن نجتهد يومًا فيومًا، فهذا يستدعي المُثابرة.
رابعًا: نقرأ أن راعوث «خبطت ما التقطته» (ع17). إنه لا يكفي أن نلتقط الشعير والقمح، بل لا بد من خبطهما. والحق الذي نجمعه سواء في دراساتنا الخاصة، أو من خدمات الآخرين، يجب أن يصبح موضوع الصلاة والتأمل إذا أردنا أن نُحرز تقدمًا روحيًا. إن مجرد اكتساب معرفة الحق فقط يؤدي إلى الانتفاخ. لا بد من التمتع بالحق في الشركة مع الرب لكي تقودنا في معرفة الرب.