شات دم المسيح الحر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


شــ،،ــاتـ ومـ،ــنـ،،ـتـ،ـدى دم الـ،،ـمــســ،،ـيــح الـ،ـحـ،ـر
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ملاك كنيسة لاودكية ... شخصيات الكتاب المقدس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مارينا
نائب مدير
مارينا


عدد المساهمات : 2066
نقاط : 5492
تاريخ التسجيل : 29/03/2011
العمر : 38

ملاك كنيسة لاودكية ... شخصيات الكتاب المقدس  Empty
مُساهمةموضوع: ملاك كنيسة لاودكية ... شخصيات الكتاب المقدس    ملاك كنيسة لاودكية ... شخصيات الكتاب المقدس  Icon_minitimeالأحد مايو 01, 2011 7:56 pm



ملاك كنيسة لاودكية
"أنا عارف أعمالك أنك لست بارداً
ولا حاراً . ليتك كنت بارداً أو حارا "
(رؤ 3 : 15 ) ..

مقدمة
إن قصة ملاك كنيسة لاودكية تذكرنا على الفور بالصورة الرائعة التى رسمها المصور المشهور. هولمن هانت ، وهى صورة المسيح القارع على الباب ، وهذه الصورة هى آية من آيات الفن العظيم، إذ نرى السيد يقف على باب نمت الحشائش أمامه ، مما يدل على أنه لم يفتح من مدة طويلة، والمسيح بصبره العجيب لا يرتد عن الباب ، وقد تنطق بمنطقته وأمسك باحدى يديه بمصباح، إذ كان الوقت ليلا ، وكان يقرع باليد الأخرى بلطف وصبر وحنان وحب ، .. ومن الواضح، لأول وهلة ، فى الصورة ، أنه لا يوجد قفل ظاهر للباب لأنه يفتح ويغلق من الداخل فقط،.. لسنا نعلم من هو ملاك هذه الكنيسة ، وإن كان ألكسندر هوايت يعتقد أنه أرخبس الذى وجه إليه بولس فى رسالة كولوسى القول : « ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرأ أيضاً فى كنيسة اللاودكيين أو التى من لاودكية تقرأونها أنتم أيضاً . وقولوا لأرخبس انظر إلى الخدمة التى قبلتها فى الرب لكى تتممها » ( كو 4 : 16 و 17 ) ومع أننا لا نملك الجزم بهذا الذى يتحدث عنه هوايت ، إلا أنه إذا صح كلامه ، فمعنى ذلك أن المسيح وقف على باب هذا الملاك أكثر من ثلاثين عاماً ، وهو يطرق الباب لعله يسمح له بالدخول . وقد نفزع ونستهول هذا التصور ، ولكنها الحقيقة العجيبة التى يفعلها السيد معنا سواء كنا أفراداً أو كنائس على حد سواء !! .. ومن الغريب مع هذا كله أن المسيح يستنهض هذا الملاك الفاتر ملوحاً له بأعظم وعد يمكن أن أن يقدم للإنسان ، وهو الوعد بالعرش إذا نهض وغلب . أليست قصته جديرة بأن نختم بها دراساتنا لشخصيات الكتاب المقدس ، ومن ثم يحسن أن نراه فيما يلى :
ملاك كنيسة لاودكية والحياة المخدوعة
كان ملاك كنيسة لاودكية واحداً من أكبر المخدوعين على هذه الأرض ، وهو ضحية نفسه أكثر من أن يكون ضحية لخداع الآخرين له : « لأنك تقول إنى أنا غنى وقد استغنيت ولا حاجة لى إلى شئ ، ولست تعلم أنك أنت الشقى والبئس وفقير وأعمى وعريان» (رؤ 3 : 17).. ولسنا نعلم لمن كان يقول هكذا، .. أغلب الظن أنه كان يقوله لنفسه ولغيره من الناس، فهو مقتنع فى قرارة نفسه بأنه على خير حال ، وليس شئ أبدع مما هو عليه ، وهو لا يخفى هذه الصورة عن الذين يلتقى بهم أو يتعامل معهم ، وأنت تحس نغمة الخيلاء والكبرياء والاكتفاء الذاتى التى تملؤها من هامة الرأس إلى أخمص القدم ، . والخداع مصيبة من أكبر المصائب التى لا يكاد يفلت منها أحد من الغالبية العظمى من بنى الإنسان ، وهو يدرى أو لا يدرى ، فهو أشبه بذلك الأمريكى الذى تعرف على شاب أجنبى ، وكانا يعملان فى مصنع فى إحدى الشركات الأمريكية فى مدينة ديترويت ، وتباسطا معاً فى الحديث ، وقال الأجنبى لزميله الأمريكى : هل يشعر بالفخر لأنه وُلد فى مثل هذه البلاد الواسعة الغنية ، ولكنه دهش كثيراً حين أخذ الأمريكى يشكو له مر الشكوى من الأجور ، والنقابات ، والضرائب ، ورجال السياسة ، والحكومة على وجه عام .. ورد عليه الآخر قائلاً: لماذا لا تفعلون كما نفعل نحن عندنا ، ... إننا نقوم بثورة تقذف بمن لا نريد ، ونبدأ حياتنا من جديد .. فرد الأمريكى عليه بغضب شديد ، اصغ إلىَّ .. إذا لم تكن راضياً عن الطريقة التى ندير بها أمورنا فلماذا لا تعود من حيث أتيت !!؟ ومن الطرائف أيضاً ما قصه أحد الضباط ، وهو يعبر عن حبه لرئيسه الأميرال فى البحرية إذ قال : فى يوم من الأيام شاء سوء الحظ أن يلعب دوره البالغ مع أحد الضباط إذ ارتكب خطأً فادحاً ، فما كان من الأميرال إلا أن صرخ فى وجهه: أغرب عن وجهى . أنت مطرود من الخدمة ، .. ومن المؤسف أنى أنا أيضاً ارتكبت ذات الخطأ ، فما كان من الأميرال إلا أنه فعل ذات الشئ معى وقال أخرج أنت أيضاً .. أنت مطرود!! .. ولم تكد تمضى لحظة حتى دخل الأميرال علينا غرفتنا ، وهو يقول فى استياء ظاهر .. لقد طردت نفسى من الخدمة كذلك !! .. ومثل هذا الرئيس من النادر أن تجده بين الناس ، ليحكم على نفسه ذات الحكم الذى يحكم به على الآخرين وهو يذكرنا برئيس آخر دخل إليه أحد الموظفين بادى الألم ، مجروح القلب ، لأن ابنه رسب فى الامتحان ، وإذ أبلغ النبأ لرئيسه انهال عليه بالتقريع ، وهو يؤكد له أن هذا الرسوب ليس إلا نتيجة لسوء التربية وإهمال البيت وعدم أخذ الأولاد بالشدة . .. وفى اللحظة نفسها وصلت برقية ، تقول إن ابنه هو أيضاً رسب فى الامتحان !! .. فما كان منه إلا أن قال : إن الولد صغير - أى ابنه - ويمكن أن ينجح فى السنة التالية ، .. أليس هذا ما ينطبق عليه قول السيد: «ولماذا تنظر القذى الذى فى عين أخيك وأما الخشبة التى فى عينك فلا تفطن لها » ( مت 7 : 3 ) ... أجل !! وهل عرفت المثل القائل الناس أربعة : رجل يجهل ، ويجهل أنه يجهل ، ذلك مدعىَّ اتركه ، ... ورجل يجهل ويعلم أنه يجهل ، ذلك بسيط علِّمه !! .. ورجل يعلم ويجهل أنه يعلم ذلك نائم أيقظه ، .. ورجل يعلم ويعلم أنه يعلم ، ذلك معلِّم اتبعه ، .. والبادى من المثل أن هناك أشياء فى الغالبية المطلقة من الناس تجعلها تتنكر للحقيقة ، ولا ترغب فى الاعتراف بها ، .. وقيل إن سقراط وهو يجادل أحدهم ، قال له أنا أعلم منك ، وقال له الآخر : وكيف تقول هكذا !! ؟ .. فأجاب : لأنى جاهل وأدركت جهلى ، لكنك أنت لم تدرك جهلك بعد !!.. كان هذا الأخير من النوع الذى وصف به ملاك كنيسة لاودكية ، الذى كان مفتوناً بنفسه، وهو أشبه الكل بالسكير الذى يترنح بسكره ، وهو يقول: «أنا جدع» أو ما أشبه من عبارات الهزيان والحماقة ، ويكفى أنه كان على أسوأ حال ، ومع ذلك يهنئ نفسه : «إنى أنا غنى وقد استغنيت ولا حاجة لى إلى شئ» ..
كانت مدينة لاودكية تقع على مقربة من كولوسى ، بين كولوسى وفيلادلفيا ، وقد دمرها زلزال عام 62 م . لكنها كانت مدينة غنية ، بها مدارس طب ، واشتهرت بالتجارة فى الصوف الجيد ، وقد أبت عليها كبرياؤها أن تطلب معونة من أحد إثر الزلزال المذكور ، وأعادت بناء نفسها ، .. ويبدو أن ملاك الكنيسة كانت ثروته المادية كبيرة ، وعلى نفس المستوى من الكبرياء التى كانت لمدينته ، وهو مكتف بالذات ، ويرفض أن يعترف بحاجته إلى شئ ، .. وهو فى نظر السيد على أسوأ صورة يمكن أن يكون عليها الإنسان !! .. فهو ليس ثقيل الظل سمج التصرف فحسب ، بل هو أكثر من ذلك كثيراً ، وإذ أنه ثقيل على قلب المسيح : «أنا مزمع أن أتقيأك من فمى» (رؤ 3 : 16).. أيها الفاتر فى كنيسة اليوم ، هذا هو شعور المسيح بالتمام من نحوك !! .. وما أكثر الملايين ممن ينتسبون إلى المسيح ، ويعدون أعضاء فى الكنائس ، ولا يسمعون سوى هذه العبارة من السيد ومن المؤلم أن بلادة الحس تتملكهم جميعاً ، وهذا هو معنى الفتور ، ومن الغريب أن السيد المسيح يقول : « ليتك كنت بارداً أو حاراً » .. وإذا كان الحار الملتهب فى حياته الروحية ، أمره معروف ومنتظر ومقبول ، إذ أنه غيور فى كل شئ ، على مجد سيده ، إلا أن المعنى يبدو غريباً فى تفضيل البارد على الفاتر !! .. ولكن الأمر مع ذلك ليس بغريب ، إذ أن الأمل فى البارد أفضل بما لا يقاس من الأمل فى الفاتر ، .. فالبارد هو ذلك الإنسان الواضح فى بعده عن الإيمان المسيح ، كالزانى والفاسق والقاتل والعشار ، .. ومثل هذا الإنسان إذا تاب ونهض ، يمكنه أن يصعد إلى قمة الحياة الروحية ، على عكس الفاتر ، الذى تبلد حسه ، وتشكل على الوضع الذى نراه فى الغالبية ممن ينتسبون إلى المسيحية ، والذين هم العقبة الكؤود أمامهم فى طريق الوصول إلى القوة والانتصار ، .. وقد يعد الفاتر نفسه مسيحياً ، وقد يأخذ طريقه إلى أول الصفوف فى الكنيسة ، ولكن المسيح ، مع ذلك ، بالنسبة له خارج الباب ، ولم يدخل بعد،.. هل أتاك حديث ذلك الزنجى الأمريكى الذى طرق كنيسة للبيض ، فى الولايات المتحدة ، وطلب الانضمام إلى عضويتها، ... ووقف الراعى محرجاً ، لأنه إذا قبله ، فإن الكنيسة كلها ستثور ضده ، وإذا رفضه، فإنه لا يوجد سبب صحيح يدعو إلى ذلك إذ كان الزنجى مسيحياً مؤمناً ، وطلب الراعى من الزنجى أن يصلى ، وبعد ذلك يتقابلان !! .. وأدرك الزنجى معنى الجواب ، فخرج. وبعد شهور التقى بالراعى صدفة فى الطريق ، .. وقال له الراعى : إنك لم تعد !! .. فأجاب: لقد صليت وأعطانى المسيح الجواب . فقال له : ماذا قال لك!!؟.. فأجاب : قال لى لا تأسف فأنا ما أزال على باب هذه الكنيسة واقفاً منذ عشرة أعوام ، ولم يسمح لى أحد بالدخول !!.. إن الرجل الفاتر هو الذى يأتى إلى الكنيسة مرة كل أسبوع أو كل بضعة أسابيع ، والعبادة عنده لا تزيد عن كلمات أو صلوات أو ترانيم تلوكها الشفاه ، وهو يستمع نائماً أو شبه نائم أو لمجرد التأثر الوقتى الذى ينتهى فى الحال ، .. هو رجل ما يزال المسيح واقفاً على باب كنيسته أو باب قلبه !! .. وهو مسيحى اسماً لا حقيقة ، والمسيحى الفاتر هو الذى لا ينتظر أن تكلفه المسيحية شيئاً أو تضحية مهما كان نوعها ، وهو يتصور أنه أعطى لمجرد أنه ألقى ببعض المال فى صندوق العطاء ، وهو الذى يقف متفرجاً على جهد الآخرين دون أن يحس بأنه ملزم بجهد مماثل، وأن هذه هى رسالته فى الحياة ، ... وهو لا يكاد يرى مسئوليته فى نشر كلمة اللّه وهداية النفوس الضالة وربحها للمسيح !! .. وقد انعكس هذا كله فى ما وصفه المسيح به من أوصاف : «ولست تعلم أنك أنت الشقى والبئس وفقير وأعمى وعريان » ... وأى تعاسة أقسى وأشد من هذه الأوصاف المرعبة ، وهل هناك شقاء أرهب من شقاء الحياة التى تحاول عن طريق متاع الدنيا ، أن تصل إلى سعادتها الحاضرة أو العتيدة ، دون جدوى ، وهل هناك بؤس أكثر من بؤس الإنسان الذى يترك المسيح خارج حياته دون أن يجعله سيداً ورئيساً على هذه الحياة !! .. هل قرأت البؤساء أعظم ماكتب فيكتور هوجو ، وهو يصور المعذبون فى الأرض ؟ !! .. إن هذا الكتاب على عظمته فى تصوير البؤس والبؤساء لا يساوى شيئاً بجانب تصوير دانتى ، فى كتاب الكوميديا الإلهية ، للجحيم حيث يتلظى البؤساء المعذبون فيه بالهلاك الأبدى الذى لا ينتهى . اقرأ هناك عن الذين عاشوا على الأرض ملوكاً أو رؤساء أو رجال دين أو أنبياء كذبة ، وعن بؤسهم العميق وصرخاتهم الرهيبة التى لا تنتهى ، وذلك لأنهم عاشوا على الأرض وهم يزعمون أنهم سادة البشر والمتمتعون فيها بكل شئ ، حتى وصلوا إلى ما ما قاله نابليون فى سانت هيلانة عن الفرق بينه وبين المسيح : « لقد شاد قيصر والإسكندر وشرلمان وأنا امبراطوريات عظيمة ولكن علام كانت عبقرياتنا جميعاً تعتمد !!؟ على القوة .. أما يسوع فقد شاد امبراطوريته العظيمة على المحبة وإلى هذا اليوم يموت الملايين من أجله !! وأية هوة واسعة بين بؤسى العميق وحكمه الخالد ، الحكم الذى يكرز به ويجد الحب والتمجيد والانتشار فى الأرض كلها » .. فإذا أضفنا إلى هذا أنه عندما يكون المسيح خارج حياة الإنسان ، فالإنسان ليس فقيراً فحسب ، بل هو الفقر بعينه « لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه » ؟ .. ( مت 16 : 26 ) .. لم يكن ملاك كنيسة لاودكية غنياً بما يملك من متاع الدنيا ، وهو يغبط نفسه ، بل كان المسكين الحقيقى والفقير فقراً مدفعاً !! .. وهو إلى جانب هذا كله أعمى إذ طمست الخطية والضلال كل شئ أمام عينيه ، .. وما أكثر ما غرقت كنائس فى الظلم العميقة والليل البهيم لأن قادتها كانوا هم أيضاً غارقين فى العمى والظلام !! ....... والكل يقود إلى خـــــــزى ما بعده خـــــــزى وعار ما بعــده عار : « وعريان » ..
ملاك كنيسة لاودكية والمسيح الطارق
يقول السيد المسيح لهذا الملاك : «ها أنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتى وفتح» ( رؤ 3 : 20 ) وأى شئ يدعو إلى العجب مثل هذا الموقف .. من هو هذا الملاك ، ومن هو الواقف ، ... من أنا ومن أنت حتى يقف المسيح على باب كل واحد منا ، ذاك الذى وهو سيد الكل ، يقف بصبر عجيب ، وقد تطول وقفته سنوات طويلة حتى نفتح ونسمح له بالدخول .. وإنه ليربكنى ويحيرنى تماماً التعبير « واقف » وعند الباب ، دون كلل أو ملل ، .. هل فكرت النفس البشرية فى هذه الصورة المذهلة العجيبة؟! .. فما أرقه وما أعظمه ، وهو لا يقبل أن يقتحم البيت اقتحاماً وهذا فى قدرته الكاملة ، ولكنه يستأذن فى الدخول إلى كل واحد منا ، .. وهل تأملته وهو يطرق الباب : « وأقرع » .. وهل سألت كيف يطرق ويقرع ، والقرع أشكال مختلفة ، فهناك القرع الهادئ ، وهناك القرع المرتفع العنيف ، وهناك القرع الملاحق السريع ، وهناك الوادع البسيط ، وهو يقرع عن طريق إثارة الأشواق الحلوة إليه ، ... هل جاءك نبأ فيلكس ماندلسون عندما ذهب ذات يوم إلى كاتدرائية فريبورج ودخل الكاتدرائية وقابل الرجل العجوز المنوط به الاشراف على المكان واستأذنه فى اللعب على الأورج ، ولكن الرجل رفض ، وقال لا يمكن أن يصرح لغريب أن يلعب على الأرغن العظيم ، وتوسل ماندلسون ورجا الشيخ بحرارة أن يجلس لحظة قصيرة إلى الأورج ، وسمح الرجل ، ولعب ماندلسون ، وامتلأت أجواء الكاتدرائية بأحلى موسيقى ، فطرب الشيخ للأنغام الحلوة التى لم يسمع نظيرها فى حياته ، وصرخ بدموع : من أنت !! .. ومات أن سمع أنه ما ندلسون حتى ذهل وقال : يا إلهى !! .. أنت ماندلسون وقد كدت أمنعك من الجلوس إلى الأورج !! .. ومن هو ماندلسون بالنسبة ليسوع المسيح ، وما هى أنغامه بالنسبة للأنغام الأبدية الحلوة التى يصدح بها المسيح وقد جعل نفوسنا هيكلا ، وكاتدرائية عظيمة للّه !! .. إنه يأتى إلينا بالقرعات الحلوة المشوقة المحببة إلى نفوسنا ، وكثيراً ما تستجيب النفس المتبرمة من ضيق العالم لموسيقاه الحلوة الطروب !! .. وقد يأتى إلى القلب بالرقة البالغة .. كانت ماى هافيلاند سيدة غنية من « الكويكرز » ( الأصدقاء ) الذين لا يؤمنون باستخدام العنف بأية صورة من الصور ، وقد عادت إلى بيتها فى ليلة من الليالى لتجد لصا يعبث بصندوق مجوهراتها ، وعندما أحس بها اللص ، صوب بندقيته نحوها ، فلم يبد عليها أى انزعاج بل قالت : ضع بندقيتك جانباً ، إنها شئ لا أحبه ، وأعدك بأن لا أدعو الشرطة بعد ذهابك، أنا غنية وعندى مجوهرات أكثر مما أستعمل ، خذ ما تشاء واذهب ، .. ووقف اللص مبهوتاً، وقد فغر فاه وتدلى فكه الأسفل ، إذ لم يسبق أن رحب به أحد هكذا ، .. وقف قليلا ثم ركض إلى الخارج دون أن يأخذ شيئاً ، وبعد أيام وجدت السيدة فى صندوق بريدها مكتوباً يقول: «سيدتى لم أعرف طوال حياتى إلا الكراهية والخوف ، وأنا أستطيع أن أتعامل معهما، ولكنى كنت عاجزاً أمام شفقتك » .. وما أكثر ما أوقفنا المسيح برقته البالغة نحن أبناء الشر، الحقد والخوف والخطية ، وهو يطرق على باب قلوبنا بهذه الصورة العجيبة ، ... وقد ينادينا بطريق أخرى طريق الذكريات الحلوة ، وهو يقرع على باب قلوبنا .. وقف سترلنج مورسون مع أولاده على قبر أمهم حيث كتبت هذه الكلمات : « كلوديا زوجة سترلنج مورسون وأم جويا وبول ومارك » . وقال إنه سيشطب اسم من يعمل عملا يخجل أمهم ، وشكراً للّه لقد بقيت الأسماء دون أن يشطب واحد منها .. على أن السيد قد يطرق بصورة أخرى تختلف تماماً عن الصور السابقة ، وهو غالباً لا يفعل ذلك ، إلا إذا اضطر ، ولم ينفع الصوت المنخفض الخفيف،... عندئذ يصل إلى الطرق العنيف : « إنى كل من أحبه أوبخه وأؤدبه » ... ألم يكن هذا هو أسلوبه مع منسى الملك القديم : « وكلم الرب منسى وشعبه فلم يصغوا . فجلب الرب عليهم رؤساء الجند الذين لملك أشور فأخذوا منسى بخزامة وقيدوه بسلاسل نحاس وذهبوا به إلى بابل. ولما تضايق طلب وجه الرب إلهه وتواضع جداً أمام إله آبائه وصلى إليه فاستجاب له وسمع تضرعه ورده إلى أورشليم إلى مملكته فعلم منسى أن الرب هو اللّه» (2 أى 33 : 10 – 13).. وأليس هذا ما حدث مع اللص التائب ، الذى كان الصوت الأخير ، صوت الألم ، وهو الصوت الذى فتح به اللّه قلبه له للسماء !! .. على أية حال لابد من أن يأتى صوت إلى كل إنسان ، بل قرعات متعددة على كل قلب ، ... ولا يستطيع أحد أن يدعى بأن اللّه لم يتكلم إليه فى هذه الأرض لأن الصوت لابد أن يواجه كل فرد صغر أم كبر ، ضؤل شأنه أم كان عظيماً ، يستوى فى ذلك الملك والصعلوك، ومن ثم نسمع القول : «إن سمع أحد» .. والمسيح هنا كما أشرنا آنفاً لا يقتحم القلب اقتحاماً أو يستولى عليه عنوة ، إنه على الدوام يحترم الإرادة البشرية ، ويعطيها أن تلعب دورها كاملاً فى كل شئ ، .. وهو لهذا يصبر مارت كثيرة سنوات عديدة ، حتى يفتح الباب بالحرية الصحيحة المطلوبة من الإنسان !! .. لكن السؤال مع ذلك يبقى قائماً ، ولماذا لا يسمع الإنسان حتى يأتى التعبير « إن سمع أحد صوتى » ؟ ، .. قد يكون السبب أن أصواتاً أخرى تملأ سمع الإنسان ، وهو أعجز لذلك من أن يستمع إلى صوت السيد ، . وهناك ظاهرة يمكن اختبارها إذ لو أن عدداً من الناس تجمعوا معاً وقالوا بصوت واحد مرتفع جملة واحدة ، وطلبوا إلى مستمع مهما كان قريباً أن يعرف ما هى هذه الجملة ، فإنه غالباً ما يعجز عن فهمها ، لأن تشويش الأصوات يمنع الأذن من أن تتعرف على الحقيقة ، وعندما يصب العالم والجسد والخطية أصواتها فى أذاننا ، فإنه لا يسهل بتاتاً أن نستمع إلى طرق المسيح وقرعه على الباب،... وقد يرجع الأمر إلى الإيغال فى البعد ، فأنت لا تسمع رنين التليفون إذا كنت بعيداً عنه أكثر من اللازم ، أو لا يسهل عليك فى مخاطبة الجماهير دون مكبر للصوت حتى تصل إلى البعيد منهم ، ونحن مرات كثيرة يأخذنا تيار الحياة بعيداً حتى لا يصل إلينا ،.. وقد تثقل أذاننا تحت هموم وخمور هذه الحياة ، فنكون كالسكير أو النائم الذى لا تهزه الزوبعة أو العاصفة ، وقد تثقل يونان بالنوم العميق وهو فى قلب السفينة رغم الكارثة المحيطة به ، عندما شق طريقه بعيداً عن اللّه ، واستولى عليه الياس ، واستبدت به نزعة الهروب من إلهه !! ..
ومهما كانت الأسباب ، أو تعددت أو تنوعت ، فإننا أمام سيد يقف بصبر عجيب أمام باب الكنيسة ، أو البيت ، أو القلب ، ويقرع لعلنا نسمع ونفتح له !! ..
ملاك كنيسة لاودكية والنصيحة الصادقة
ما أرق المسيح وهو يقول لهذا الملاك « أشيرعليك » وهى المشورة الإلهية الذهبية التى لا تعادلها كنوز الأرض كلها ، ولعله من اللازم أو لا أن ندرك أن هذه المشورة هى ممن يملك إصدارها إذ هو : « الآمين الشاهد الأمين الصادق بداءة خليقة اللّه » ... والكلمة « الآمين » وقد جاءت فى إشعياء بمعنى الحق فى القول : « إله الحق » ( إش 65 : 16 ) وهى فى الأصل «إله الآمين» .. أى أن نصيحة المسيح وحدها هى النصيحة الحق التى يلزم الأخذ بها ، وعبارة «بداءة خليقة» اللّه تعنى أصل خليقة اللّه ، أو فى عبارة أخرى : إن المسيح وحده يعطى النصيحة الحقة باعتباره أصل كل الخلائق وملاحظها والشاهد لكل ما يحدث معها ، والصادق الكامل فى صدقه وهو يحضنا النصيحة !! وكم يمتلئ القلب بالعرفان والشكر لأنه لا يريد أن يكرهنا على المشورة والنصيحة ، بل يؤكد أنها نصيحة محبته العظيمة والعجيبة ، وهو يشير بنصيحة مزدوجة الأولى بالاقتناء ، والثانية بالاستعمال ، أما ما يقتنى فهو الذهب المصفى بالنار والثياب البيضاء ، .. وهو يقصد أن ينبه ملاك الكنيسة ، إلى أنه يشغل نفسه بذهب العالم ومتاع الدنيا مما استحوذ على كيانه وشخصه ، وهذا الذهب مخلوط بالشوائب التى تجعله بغير قيمة حقيقية ، وهو لا ينفع فى كثير من الحالات ، أو بتعبير أدق لا يستطيع الإنسان أن يقتنى به الخير والسلام والشبع والسعادة ، لكن السيد يطلب منه أن يستبدل هذه الثروة الكاذبة بثروة أخرى حقيقية ، وهذا الكنز الفانى بكنز آخر خالد ، والمسيح لا يمكن أن يفقر أحداً ، بل يعطى الثروة الصحيحة الحقيقية لمن يرغب فى الوصول إليها واقتنائها ، ولا يمكن أن تشترى بمال أرضى ، ولو بكل الكنوز التى على ظهر الأرض أو فى بطنها ، .. وهو يشفق على ملاك كنيسة لاودكية لأنه مع ذهبه هو أفقر الفقراء ، .. ومع الصوف الذى كانت تشتهر به لاودكية ، ولعله كان يقتنى أفخر الثياب منها ، إلا أنه فى الحقيقة كان عارياً من كل ثوب ، يحمل خزى عورته ، .. وهو فى حاجة إلى اقتناء ثوب البر ، والعملة الوحيدة التى نشترى بها الذهب المصفى والثياب البيضاء هى الإيمان ، وهى عملة سماوية يقبلها اللّه ويرضى بها ، وهى تؤخذ مجاناً بالقلب المفتوح للسيد ، وبقبول المسيح فيه !! .. وعندما يصل الأمر إلى هذا الحد ، سيدرك الإنسان الحقيقة الناصعة ، وستكون له العين الكحيلة إذا جاز هذا التعبير ، .. والكحل لا يشترى كالأمرين السابقين ، بل يستخدم : « وكحل عينيك بكحل لكى تبصر » .. وكان اللاودكيون مشهورين باستعمال الكحل فى العيون ، والمسيح مستعد أن يعطى لتابعه وتلميذه وخادمه الاستنارة الحقيقية الداخلية التى تبصر كل شئ ، وترى الأمور بكامل الوضوح أمامها ، .. قيل عن شاب اسمه رسل كيردل ، إنه قد فقد بصره ، لفترة غير قصيرة ثم أجريت له عملية ، أبصر بعدها ، وقد كتب يصف عودته إلى البيت بعد أن أبصر فقال : كان كل شئ يبدو جميلا ، لم يكن شئ أمامى قبيحاً ، وفوق الكل جمال الناس ، كان بعض الأولاد يلعبون فى الطريق . مرت بنا سيدة عجوز . لم أشعر بانفعال كبير لأنى لم أعد أعمى ، لأنى كنت مشغولا بالجمال الذى يحيط بى . أسرعت إلى بيتى ، وإلى غرفتى ، ودفنت رأسى فى وسادتى ، لا لأنى لم أكن بعد أعمى ، ولا لأنى الآن أبصر لكن لأنى لم أستطع أن « أهضم » الكمية الهائلة من الجمال .. وبكيت !! .. ترى ماذا يبصر الإنسان عندما يفتح اللّه عينيه بعد أن كان أعمى ،.. إنه يبصر الكثير .. إنه يبصر أن الخطية عمى ، ويبصر كل شئ وهو يشع بالنور الذى يعلن مجد اللّه ، فى الطبيعة ، والشمس ، والزهور ، والطيور ، ويبصر لا مجرد الخليقة بل يد اللّه الذى خلقها ، ويبصر لا مجرد النور ، بل رب النور يسوع المسيح ، ويبصر أن اللّه بالإيمان قد أعطاه أعظم من البصر الجسدى ، ويبصر صلاح اللّه الذى لا ينتهى فى كل شئ !! .. إن أجمل بركة يعطيها اللّه للإنسان هى أن يعطى البصيرة الروحية التى تشق أمامه الطريق فى كل شئ !! .. قال كولردج : « لم أكن أدرك لمدة طويلة أنى بئس وفقير وأعمى وعريان ، وبعد أن عرفت ذلك لم أحسه الاحساس الكامل ، ولكن شكراً للّه لأنى قد بدأت أحس به كما ينبغى الآن !! .. يا كبريائى ، أبعدى عنى ، ودعينى أرى هذا الشكل البشع الذى هو نفسى ، .. أجمل !! لقد خدعتنى أقوال الفلاسفة والشعراء وكبرياء قلبى إذ قالوا إنك قوى ، لكن الكتاب وفشلى يعلنان العكس ، إن ديانة يسوع المسيح تغير فكر الناس عن أنفسهم كما تغير حياتهم وطبائعهم ! .. »
ملاك كنيسة لاودكية والعرش الموعود
ولعل من العجب العجاب أن يتحدث السيد إلى أضعف ملاك بين الملائكة السبع ، عن العرش الموعود به للغالبين ، ولكنها القصة البشرية الصحيحة التى بدأت بالفردوس الضائع لتعود إلى الفردوس المردود ، وهى قصة التاريخ الحقيقى لبنى الإنسان عندما أخذهم اللّه من مستنقع الخطية إلى قمة المجد!! .. وهى لغة الرجاء للخطاة، الذين أوغلت بهم الخطية فى دروبها وكورتها البعيدة جداً عن بيت الآب ، وفتح المسيح أمامهم باب الانتصار للدخول إلى العرش فى السماء، .. وهى العودة الصحيحة للإنسان الذى خلق على صورة اللّه وشبهه ، وكان فى ترتيبه الأزلى أن يعطيه مركز البنوة ، ولكن الشيطان خدعه ، وجربه بأن يأخذ الأمر اقتحاماً ، فهوى وسقط، حتى أعاده اللّه إلى مركزه الصحيح فى المسيح وصليبه وكفارته وحبه وإحسانه وجوده،.. وهذا العرش لا يعطى إلا لمن يفوز فى الجهاد الصحيح القانونى أمام اللّه !! .. « إذ لا يكلل (أحد) إن لم يجاهد قانونياً » ( 2 تى 2 : 5 ) !! ..
وفى الحقيقة ما أجمل أن يصل الإنسان الغالب إلى هذا العرش السماوى بعد أن تنتهى قصة المعاناة الأرضية من كل جانب ، جاء فى كتاب « إنسان يدعى بطرس » للسيدة كاترين مارشال زوجة الواعظ العظيم بطرس مارشال «لا يزال المنظر منقوشاً على ذهنى. كان بطرس ممدداً على النقالة. حين وضعه اثنان من رجال الإسعاف استعداداً لنقله إلى العربة ، رفع بطرس عينيه نحوى وابتسم فـــى آلامه ابتسامة حلوة ، وقد فاضت عيناه برقة، وانحنيت نحوه وقلت ياعزيزى سأراك فى الصباح.. ووقفت ألقى النظرة إلى الأفق البعيد الممتد ، وأخذت أتأمل، وقد أدركت أن هذه الكلمات ستظل تتردد فى قلبى طوال السنين الآتية: سأراك فى الصباح ياعزيزى.. سأراك فى الصباح!! .. أجل مجداً للّه لأجل الصباح الأبدى فى عرشه العظيم فى السماء!!.. آمين فآمين فآمين!!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ملاك كنيسة لاودكية ... شخصيات الكتاب المقدس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ملاك كنيسة برغامس .. شخصيات الكتاب المقدس
» ملاك كنيسة فيلادلفيا ... شخصيات الكتاب المقدس
» ملاك كنيسة ساردس .. شخصيات الكتاب المقدس
» ملاك كنيسة ثياتيرا .. شخصيات الكتاب المقدس
» ملاك كنيسة سميرنا .. شخصيات الكتاب المقدس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شات دم المسيح الحر :: شخصيات من الكتاب القدس-
انتقل الى: