يحل علينا هذه الأيام الصوم المقدس أو الصوم الكبير ، وهو الصوم الذى يستمر 55 يوماً ، ينظر إليه البعض أنه طويل وثقيل ، بينما البعض الآخر يتلذذ اثناءه بالعشرة الإلهية ويتمتع بالنعم السماوية والبركات التى لا تحصى.
فياترى ... ما هو سر هذا التفاوت فى الإستفادة من فترات الصوم ؟ ؟ ؟
يرجع السبب أساساً إلى أن بعض الناس ينظر إلى الصوم كهدف فى حد ذاته ،فيأكل الطعام الصيامى فقط ، ويحرص على ذلك كل الحرص ، بينما يمارسكل باقى أموره اليومية بنفس الشكل. فهو لا يجعل عيناه تصومان ، ولا لسانه ولا فكره ولا حواسه الخارجية أو الداخلية ، ويكون فكره مشتتاً. يدين الآخرين ويدبر المكائد ويخطط الخطط ، وإن كان يعمل فى مجال التجارة مثلاً، فلا مانع أن يسلك فى طرق غير مستقيمة – إذا دعى الداعى - ، ويظل فى نظر نفسه صائماً ، بل يتجاسر أيضاً ويتقدّم لسر التناول دون أن يشعر بأى تقصير أو خطأ ما.
هذا النوع من الناس يكون الصوم بالنسبة له هدفاً يحققه شكلاً لا موضوعاً ، وهو لا يختلف كثيراً عن صوم الكتبة والفريسيين. ( متى 15 : 8 و 9 )
وهناك نوع آخر من الناس ، يكون الصوم بالنسبة لهم وسيلة وليس هدفاً. فهو لايصوم من أجل الصوم فى حد ذاته ، بل يصوم لكيما يقوده الصوم للفضائل المتنوعة. فشخص يصوم لكيما يتدرب على الزهد فى أمور الدنيا ، وآخر يصوم لكيما يتمتع بالقراءة فى الكتاب المقدس والكتب الروحية الأخرى ، وثالث يصوموهو يسعى للتقدُّم فى حياة الصلاة ، فيستثمر كل الوقت الذى توفر لديه بسبب عدم الأكل ، فى القيام بصلوات طويلة وتقرُّب إلى الله أكثر فأكثر ، ومحاسبة النفس بطريقة أكثر جدية ، مما يحقق له التوبة أيضاً من خلال الصوم.
وهناك من يكون الصوم سبباً فى تعلِّمه حب العطاء وبذل كل غال ورخيص من أجل مجد الله ومن أجل الآخرين أيضاً.
إن الصوم ياأحبائى لا يمكن أن يتحول فى حياتنا إلى هدف ، بل هو وسيلة رائعة لكيما نتقرَّب إلى الله فى فترة الصوم.
فعن طريق الصوم الإنقطاعى نشعر بآلام الفقراء والمحتاجين والذين ليس لهم طعام. والبعض يحوِّل فترة إعداد الفطار وتناوله إلى فترة صلاة ، والبعضالآخر يوجه ما يوفره من سعر الأطعمة الفطارى لخدمة المحتاجين والفقراء.والبعض فى فترة الصوم يحاسب نفسه بأكثر جدية ويسعى للتوبة والإعتراف والتناول من الأسرار الإلهية.
من يفعل هذه الأشياء يكون قد خرج من دائرة الصوم كهدف إلى إستخدام الصوم كوسيلة لإقتناء الفضائل التى حُرِم منها.
إقرأ أشعياء أصحاح 58 لتعرف المزيد عن الفكر الإنجيلى لمعلمنا إشعياء النبى عن الصوم الحقيقى.
وليعطنا الرب صوماً مقبولاً ناجحاً نستفيد منه ولا نمارسه كفريضة ، حيث أن ديانتنا لا تعرف الفروض.
ولإلهنا كل مجد وكرامة فى كل حين
وصلوا لأجلى دائماً.