مفهوم الحــــــــــــــــــب
مفهوم الحب
يتضح لنا من العنوان أننا نحتاج للفهم السليم الإنجيلى الموحى به من الله من خلال رسله عن مصدر الحب ،
و معناه ، و كيف نعيشه و نعبر عنه ، و مع من يجب أن نعيشه ، و غير ذلك من المفاهيم .
مصدر الحب :
يقول القديس بولس الرسول فى رسالته لأهل أفسس : لكى يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه فى الإنسان الباطن . ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم و أنتم متأصلون و متأسسون فى المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض و الطول و العمق و العلو ، و تعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة ... أف 3 : 16 – 19
إذ التفت بإرشاد الروح القدس تجد أن الله الحال فينا بروحه هو يؤيد بكل قوة إنساننا الباطن ( و الذى هو الوعى)
والإدراك و الضمير و القلب و الإرادة و المشاعر ) بل و يؤسس فيه فعل الحب و يساعده على إدراك محبة المسيح الفائقة المعرفة ، وهذا ما يؤيده قول بولس عن أولى ثمار الروح فى قوله : و أما ثمر الروح فهو محبة ... غل 5 : 22
لذا يجب الانتباه إن مفهوم الحب الذى كوناه بدون الروح القدس الذى يهبنا الإدراك لمفهوم الحب و ينبهنا لمصدر الحب ، هو حب ناقص ، و كثيراً ما يكون غير ناضج و أحياناً أخرى مفهوم خاطئ .
ومن هنا تأتى المشكلات و القصور بالأفعال فى التعبير عن ما نسميه أو ما نظنه حباً .
فالحب الذى يؤسسه فينا الروح هو حب يعرفنا مع جميع القديسين محبة المسيح الفائقة المعرفة لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية
و هذا ما تنشده قصيدة الحب العجيب :
كـل حـب فى كيانـى نبعه حب يسوع
كـل حب فى الوجود رده حـب يسوع
و يقول الشيخ الروحانى القديس يوحنا سابا : أولئك يارب الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك لم يحتملوا السكنى بين الناس بل ألقوا عنهم كل حب جسدانى ، و سعوا خلف الغنى بحبه ما صبروا أن يبقوا فى طريق العالم لحظة واحدة . آه أيها الحب الإلهى لقد سلبت منهم كل شئ .
أى أنه إذ تأصل و تأسس فينا مفهوم الحب بالروح القدس على مستوى حب يسوع سيكون عندنا وقتئذ المصدر
والمفهوم الصحيح للحب و منه يمكن الانطلاق لممارسة الحب بطريقة عملية حقيقية ناضجة فى مجالات مختلفة .
معنى الحب :
هو ميول و شعور نحو الأخر نعبر عنه بالكلمات و بالأفعال معاً .
مثلاً : أنا أحب الله و أعلن له ذلك فى صلواتى و تسابيحى ( الكلام ) ، و أخدم أخوتى فى صور متعددة (الأفعال)
وهذا الشعور فيه العطف و الحنان و التسامح و العطاء و البذل و الاحتمال و تفضيل الأخر ، و فيه العدل و الرحمة وفيه الكثير من الإيجابيات ، و يكون خال من السلبيات كالأنانية و غيرها .
كيف نعيش الحب و نعبر عنه ؟
1- الوصية : إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى يو 14 : 15
2- الترك : من أحب أباً أو أماً أكثر منى فلا يستحقنى ... مت 10 : 37
3- الخدمة : لأننى جعت فأطعمتمونى عطشت فسقيتمونى ... بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتى هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم مت 25 : 35 – 40
4- المشاركة : و كان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد و نفس واحدة ، ولم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله بل كان عندهم كل شئ مشتركاً أع 4 : 32
5- السلوك : و اسلكوا فى المحبة كما أحبنا المسيح و أسلم نفسه لأجلنا قرباناً و ذبيحة لله رائحة طيبة
( أف 2 : 5 ) . يشتم الناس دائماً سلوك المحب كأنه رائحة طيبة لما فيه من بذل و تضحية كما أحب الرب
يسوع بالفعل ؛ و ذلك لأننا رائحة المسيح 2كو 2 : 15
6- الانتباه : الانتباه لملامحه الإنجيلية و ممارستها 1كو 13
مع من نعيش الحب ؟
1- حب الله :
تحب الرب إلهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل قدرتك و من كل فكرك ... لو 10 : 27
نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً 1يو 4 : 19
2- الحب الأخوى :
لأن من لا يحب أخاه الذى أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذى لم يبصره 1يو 4: 20
أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هى من الله ... 1يو 4 : 7
3- الحب الزيجى :
أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة و أسلم نفسه لأجلها أف 5 : 25
و أما أنتم الأفراد كل واحد امرأته هكذا كنفسه و أما المرأة فلتهب رجلها ( أف 5 : 33
حكمة المرأة تبنى بيتها و الحماقة تهدمه بيدها
4- الحب الأسرى :
على الأبناء :
أكرم أباك و أمك لكى تطول أيامك على الأرض التى يعطيك الرب إلهك خر 20 : 12
يا ابنى احفظ وصايا أبيك و لا تترك شريعة أمك أم 6 : 20
الابن الحكيم يقبل تأديب أبيه و المستهزئ لا يسمع انتهاراً أم 13 : 1
اسمع لأبيك الذى ولدك و لا تحتقر أمك إذا شاخت أم 23 : 22
على الآباء :
أدب ابنك لأن فيه رجاء و لكن على إماتته لا تحمل نفسك أم 19 : 18
أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا كو 3 : 21
و أنتم أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم بل ربوهم بتأديب الرب و إنذاره أف 6 : 4
5- محبة الأعداء :
قال الرب يسوع فى الموعظة على الجبل : ... أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم . أحسنوا إلى مبغضيكم
وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم و يطرودنكم مت 5 : 46
لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأى أجر لكم أ ليس العشارون أيضاً يفعلون ذلك مت 5 : 46
وهنا نجد أن الرب يطالبنا بحب لا تنادى به إلا تعاليمه و لا يستطيع أن يعيشه إلا المسيح الساكن فينا .
ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم أف 3 : 17
و لا يمكن أن يعيشه إلا بقوة روحه
لأنه القادر أن يفعل فوق كل شئ أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التى تعمل فينا
أى أنه إذا كان حب الأعداء صعباً علينا فهو القادر أن يفعل هذا بدلاً عنا بقوته التى فينا .
وأيضاً اعلم أن الصفة تتعظم و تتجلى فى وجود نقيضها فالحب يتجلى إذا وجد أعداء و مبغضين
ومعاندين ، فالسامرى لم يظهر لنا قدره إلا فى وجود اليهودى - اليهود أعداء للسامريين
ولا يعرف طعم الحرية إلا من ذاق العبودية .
و أخيراً :
1- اعلم أن وجود ملامح خاطئة للحب نعيشها فسببها المفاهيم الخاطئة للحب التى تعلمناها من البيئة المحيطة بنا ، من الأصدقاء الغير ناضجين ، ربما من سوء التربية فى البيت أو فى المدرسة ، ربما من الأعلام ( كالأفلام و الأغانى و المجلات و ... ) و ربما من أفكار الشيطان .
2- لذا فصلى أن تدرك بإرشاد الروح القدس محبة المسيح الفائقة المعرفة و أن يتأصل فيك مفهوم الحب الحقيقى كما عرّ فـه الإنجيل أف 3 : 18
احذر :
محبة العالم عداوة لله يع 4 : 4
محبة المال أصل لكل الشرور 1تى 6 : 10
اهتمام الجسد عداوة لله رو 8 : 7
تدريب :
ملامح الحب المسيحى : احفظ ( 1كو 13 ) كله . درب نفسك عليه بالوقت .
الحب والصداقة
هل يوجد فارق بين الحب و الصداقة؟ هو السؤال الذي يدور في أذهان كثيرين ...........................
سوف أتحدث عن كليهما من ماهية العلاقة بين طرفيها و من هم طرفيها و ما الشروط المناسبة لهذين الطرفين, إن لم تكون هذه العلاقة قائمة بين عدة أطراف.
أولا الصداقة:
الصداقة رابطة قوية تنشأ بين فردين أو أكثر لا تتوقف على السن أو على الجنس أنما تتوقف عن مدى ارتياح أفراد العلاقة بعضهم لبعض, و عادة ما ينشأ هذا النوع من العلاقات بسرعة كبيرة في سن المراهقة و هذا بسبب عدم الإحساس بالأمان أو أن الأبوين لا يوفروا الحنان الكافي للشباب المراهق و أيضا من الممكن أن نرجع سرعة تكوين هذه العلاقات إلى وجود مشاكل عائلية في البيت و اختفاء جو الأسرة .
تفشل بعض العلاقات من هذا النوع بسبب أن أحد طرفيها يستغل أحد الأطراف الأخرى أو أن هذا الطرف السيئ قد أخذ منفعته من أحد أو كل أطراف العلاقة.
فشل مثل هذه العلاقات يصيب الطرف المتضرر باكتئاب مؤقت و أحيانا يفقدهم الثقة في كل من حولهم من أشخاص, و أحيانا يجعل الشخص المتضرر أقوى و يزيد من خبرته في الحياة بل و يجعله مقبل على أكثر على الناس. الإنسان مخلوق معقد أو صعب الفهم فلا يمكن أن نتوقع كل ردود أفعاله .
أما نجاح هذه العلاقات يزيد من بهجة أطراف العلاقة و تقودهم إلى هدفهم المنشود.
ثانيا الحب:
الحب !!! ................. بعض الناس يقولون يوجد فرق بين حب الله للعالم و الحب الذي يوجد بين البشر, و لكني أرى بما أننا خلقتا على شبه الله و مثاله فبذلك وهبنا صفة المحبة, وهي القدرة على حب بعضنا البعض.
فما هو هذا الحب الذي نشعر به نحو الجنس الأخر؟ وهل يختلف بين الحب الذي بين أفراد من نفس الجنس؟
أنه هو نفس الحب الذي و هبه لنا المسيح أو بالأحرى خلقنا به و لكن لكثرة آثامنا احتجنا لمن يعطينا يذكرنا بأننا خليقة الله صنعة يديه.
الحب هو حالة وجدانية يدخل فيها الإنسان جسده و روحه.
و لذلك نرى القديسين عندهم قدرة أن يصلوا لساعات كثيرة و هذا لأنه يحبون من يصلوا إليه أو يكلموه, فهم يفعلون هذا ليس أرضاء لله فقط و أنما لأنهم وجدوا في وجودهم بجانب الله سعادة ليس لها مثيل, و بما أن الله لن يفعل شيء يضرهم فهم سيظلون يحبوه طوال حياتهم.
و لهذا نجد أن سر الزيجة المقدس يتم مرة واحدة للشخص فالرجل يرتبط بامرأته و يصير الاثنان واحدا. و بذلك يكون الرجل مستعدا أن يعيش مع زوجته طوال حياته متحملا كل عيوبها الشخصية, و تعيش المرآة طوال حياتها مع الرجل متحملة كل عيوبه الشخصية, و تسير مركبة الحياة تحمل الاثنان معا محتملين بعضهم البعض في محبة.
و هذا بالضبط الفرق بين الصداقة و الحب و هي أن في حالة الصداقة: أطراف العلاقة يتعايشون مع بعضهم البعض لوجود قاسم مشترك بينهم, بينما في حالة الحب فهي علاقة تجمع فقط فردين و أحد مراحلها هي الزواج فينشئ عنه ارتباط بين الطرفين يظل مدى الحياة و موافقتهم على أتمام هذا الارتباط هو قدرتهما على حبهم لبعضهم البعض و تحمل عيوب بعضهم الشخصية مدى الحياة