الحلول البشرية والحلول الإلهية
الحلول البشرية والحلول الإلهية
لصاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا تادرس أسقف بورسعيد
من أجمل الأمثلة لكيفية مواجهة مشكلة معينة، نجدها في قصة حياة القديسة حنة أم العذراء أم النور مريم لقد كانت القديسة "حنة" عاقر، وفى العهد القديم كان هذا يعتبر عاراً شديداً لأي امرأة، لأن نسل المسيح لن يجئ منها.
وكثيراً ما يفكر الإنسان في حل مشاكله سواء الروحية أو النفسية أو الجسدية أو العائلية أو الاجتماعية، بطريقة بشرية من غير إرشاد السيد المسيح، فتكون حلول خاطئة!!
فالحلول البشرية تعطى نتائج سريعة، ولكنها خاطئة وغير سليمة، وغير صادقة لأنها ليست حسب إرادة الله..
أما القديسة "حنه" أم العذراء مريم والقديس "يواقيم" فضربا لنا مثل جميل عن كيف يلجأ الإنسان بمشاكله إلى الله لكي يحلها بالحلول الإلهية.. لقد كان لديهم إيمان قوى بأن الله سيعطيهم حلاً، فظلوا ينتظروا الحل الإلهي من عند الله في الوقت والمكان والميعاد المناسب الذي يحدده الله، وجاء حل الله حلاً رائعاً، إذ استجاب الله لصلاتهم وأعطاهم أم النور القديسة مريم.
إن الحل الإلهي دائماُ حل قوى وناجح، وحل يهب السعادة والسلام و الفرح في قلوب الأولاد، فحلول الله هي أقوى الحلول وأنجح الحلول .. لذلك يجدر بنا أن نلجأ إليها ونتمسك بها.
أمثلة للحلول البشرية :
(1) سارة زوجة إبراهيم : كانت عاقر وبدأت تشك في محبة الله، فلجأت إلى حل بطريقة بشرية، فأخذ إبراهيم جاريته وأنجب منها، وبدلاً من أن تحل المشكلة ، تعقدت أكثر فأكثر.
إن الحلول البشرية خاطئة ومرفوضة، ولا تعطى حلاً.
(2) رفقة أم يعقوب وعيسو : أخذت رفقة تفكر بمكر ودهاء، لتعطى البركة ليعقوب بدلاً من عيسو،ولكن انتهت قصتها بمأساة مروعه، فعيسو أخذ يطارد يعقوب ليقتله، ويعقوب هرب إلى لابان خاله، وشرب يعقوب من نفس كأس الخداع الذي أعطاه للآخرين بالحلول البشرية الخاطئة، فلابان خدع يعقوب وزوجه ليئه بدلاً من راحيل، وأولاد يعقوب خدعوا أباهم وأخبروه بأن ذئب قتل يوسف .. وعاش يعقوب في خدعة عميقة ..
(3) حلول بشرية أخرى : كثيراً ما يلجأ الإنسان إلى حل مشاكله بطريقة بشرية بعيداً عن الله، فيلجأ إلى السحر والشعوذة والعادات السيئة والأحجبة ..
إن الحلول مرفوضة عند أولاد الله، فالمشاكل لا تحل بالهروب مثل شرب المخدرات والإدمان والذهاب إلى أماكن الله اللهو، لأن الحلول البشرية مثل الماء الملح كلما شرب منه الإنسان يعطش أكثر ولا يرتوي..
أمثلة للحلول الإلهية :
(1) حنة ويواقيم : تحلوا بالإيمان والصلاة والصبر، فبالإيمان تؤمن أن الله قادر على كل شيء:
"هأنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً ،ولا يستطيع أحد أن يغلقه " (رؤ 3:
فحيثما تغلق جميع الأبواب يبقى باب الله مفتوحاً، ولا يستطيع أحد أن يغلقه، لذلك حينما لجأت حنه ويواقيم إلى الله بالصلاة، أعطاهم الله أم النور مري ، أعظم إنسانة في البشرية وجميع الأجيال تطوبها حتى يومنا هذا.
(2) حنة أم صموئيل : صبرت واحتملت ولم تيأس من رحمة الله، حتى أعطاها الله "صموئيل" النبي الذي كان يعين الملوك، وكان يتكلم مع الله، إن الحل الإلهي يأخذ وقتاً، ولكنه حل عظيم وقوى.
(3) أغسطينوس : كان شاباً فاشلاً، غارقاً في طين الخطية، ولكن أمه التجأت إلى الحل الإلهي لينقذ ابنها، فظلت تصلى من أجله ليلاً ونهاراً طوال 22 عاماً .. الذي أصبح أسقفاً في شمال أفريقيا وأكبر مفسر للكتاب المقدس، وكتب كتاب من أعظم الكتب وأهمها "اعترافات أوغسطينوس".
الله معنا في كل وقت:
إن معونة الله هي لنا كل الوقت، وليس جزءاً من الوقت ، لأنه هو القائل :
" ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر"
" لا تخف لأني معك "
" إذا اجتزت في المياه فأنا معك "
" تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم "
إن الله يعمل من أجل خيرك قد تعيش لحظات من الفرح أو الحزن، من الانتصار أو الانكسار ،من التفاؤل أو التشاؤم .. ولكن إياك أن تشك في ربنا، فهو يحل المشاكل في الوقت والزمن المناسب.
ويمكن أن تثق في الله الحي دائماً.. في وقت المشاكل والأزمات.. فقط ضع ثقتك في الله وحده.
لقد كان مع القديسة حنة ويواقيم ، ومع القديسة حنة أم صموئيل ، ومع أم القديس أُغسطينوس ..فالله لم يتركهم ولم يتخلى عنهم أبداً … لقد أعطاهم حلاً معجزياً لمشاكلهم!!
وحتماً سيفعل الله معك ما فعله معهما. .
فلن يتركك الله ولم يتخلى عنك أبداً ..
ولن ينكرك في وسط ضيقاتك أو تجاربك .. إن الله أمين ..
فقط التجأ إليه وأرفع عينيك نحوه، امسك في ربنا واصبر واحتمل، صلي، وتشفع بالسيدة العذراء وبالقديسين ، واظب على وسائط النعمة وحياة الشركة مع الله، فحتماً سترى الحل الإلهي لمشاكلك