المحبـــــوب ὁ ἠγαπημένος
[ لقب خاص جداً ومحبب لكل نفس تقترب من الله وتعرفه شخصاً حياً وحضوراً مُحيياً
وهو لقب لاهوتي استعلاني يخص المسيح الرب ويحمل كل أسرار اللاهوت
والخليقة والفداء والميراث الأبدي المُعد ]
إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته
لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب (أفسس1: 5و 6)
الله "محبة" ، هذا ليست مجرد صفة نعرفها عن الله مثل أي صفة نتصف بها نحن ، بل طبيعة الله ، أي معدنه [ محبة ] ، وهذا اللقب خطير وعظيم وكبير للغاية ولا يقدر أحد أن يحده أو يستوعب منتهاه وملء قوته ، لأنه يُستعلن بالروح في القلب بالإيمان بالمحبوب الرب !!!
وهذا اللقب العظيم أُستعلن في ظهور المسيح المُحيي كالتدبير في ملء الزمان ، فالله أرسل ابنه المحبوب الذي له ينبغي أن نسمع ونُصغي :
[ هوذا عبدي الذي أعضده مُختاريَ الذي سُرت به نفسي . وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم . لا يصيح ولا يرفع في الشوارع صوته . قصبة مردودة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يُطفأ . إلى الأمان يُخرج الحق . لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر (الجزر) شريعته ] (إشعياء 42: 1 – 4) [ وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن ، وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماوات قد انشقت ، والروح مثل حمامة نازلاً عليه وكان صوت من السماوات : "أنت ابني الحبيب الذي به سُررت " ] (مر1: 11 ) ، [ وكانت سحابة تظللهم . فجاء صوت من السحابة قائلاً : " هذا هو ابني الحبيب . له اسمعوا ] (مر9: 7)
المسيح هو محبوب الآب الخاص [ الآب يحب الابن ] (يو3: 35 ؛ 5: 20) ، والابن ليس له شيء خارج الآب [ أنا في الآب ] (يو14: 10) ، وكما يحب الآب الابن هكذا الابن يُحب الآب بذات الحب ، لذلك يستطرد الرب ويقول [ الآب فيَّ ] ، فالحب في الآب والابن كياناً معبراً عن قوة الجذب الكلية بينهما كواحد ، فلا نجد الابن خارج الآب ولا الآب خارج الابن ، لذلك قال المسيح الرب من واقع هذا الحب الغير مُدرك من إنسان [ أنا والآب واحد ] (يو10: 30) ، وهذا السر عظيم !!!
بل هذا هو سر اللاهوت وجوهره العظيم البسيط في طبيعته ، فمن يستطيع أن يقول بعد ذلك أن الآب والابن اثنان ؟ بل ومن يجرؤ ويقول أن اللاهوت ينقسم ؟ حاشا بالطبع ، بل هما ذات واحدة وكيان واحد ، آب وابن ، محب ومحبوب ، لاهوت لا ينقسم أو يتعدد ، لا يزيد ولا ينقص ، وليس فيه أول وثاني بل ولا سابق ولا لاحق ، ولا أكبر ولا أصغر ، وهو لا يُعد بالأرقام أو يُحسب !!!
لأن الله ليس واحد كرقم ، لأن العدد يُعبر عن الوجود المادي ، ولكن وحادية الله تُعبر عن الوجود الكلي ، مُشخصاً بذات فيها أبوة وفيها بنوة ، وتشع منه الأبوة والبنوة معاً باتحاد فريد في تآلف الحب لتُقيم بالحب الفعال في العالم وكل ما فيه ، بل وهذا ما قاله القديس يوحنا الذي شاهد وعاين المحبوب [ هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ] (يو3: 16)
فالله المحبة ، خلق العالم بالحب [ فإنه فيه (في المحبوب – في المسيح) خُلق الكل ما في السماوات وما على الأرض ، ما يُرى وما لا يُرى ، سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين ، الكل به وله قد خُلق ] (كو1: 16) ، وهنا يظهر ونرى قوة وقدرة الحب ، الذي يخلق من العدم وجوداً !!!
والله بالحب فدى العالم بموت ابنه الوحيد ، فدى العالم الذي سقط وتشوه وخرج عن الخطة المرسومة له من الله بالحب [ .. أحب الله العالم ، حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية ] (يو 3: 16) ، وهنا نرى أن الحب من الموت يخلق حياة ، أي يبتلع الموت لحياة !!!
فهكذا نحن صنعة المحبوب ، ففيه خلقنا الآب ، وفيه فدانا أيضاً حسب التدبير ، وبهذا الحب الخالق الفادي ارتبطنا بالمحبوب ، والآب رباط الوجود والحياة ، وفي هذا يقول المسيح الرب الإله [ الذي يُحبُني يحبه أبي ، وأنا أحبه ، وأُظهر له ذاتي ] (يو14: 21) ، فالله يا إخوتي في الحب فقط يُستعلن لنا !!! وبدون حبه لا يُمكن بل تستحيل معرفته إطلاقاً !!!
فإذا آمنا بالمسيح واعترفنا أنه محبوب الآب الوحيد ، وتيقنا من قوة الحياة التي فيه ، وأن وجودنا الحقيقي مستمد منه شخصياً بل وقائم فيه ، ولكونه هو الحياة ، أي هو حي بقدرة لاهوته [ أنا حي فأنتم ستحيون (يو 14 : 19) ] ، وآمنا أنه هو فعلاً القيامة والحياة ، فسنجده ينقل وجوده داخل قلوبنا ويحقق لقبه العظيم أي [ المحبوب ] فينا !!!
يا إخوتي أن لقب المسيح الرب : [ المحبوب ] ، ليس لقباً نضعه في فكرنا ونتكلم عنه بالمعرفة والفكر ، بل هو لقب استعلاني لأجل أن ندخل في سره العظيم ، بنقل حياة الله فينا ، لأن المسيح الرب هو المحبوب الذي فيه لنا حياة ، ولنا شركة مع الله :
كما أرسلني الآب الحي و أنا حي بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي (يو 6 : 57)
بعد قليل لا يراني العالم أيضاً و أما انتم فترونني إني أنا حي فانتم ستحيون (يو 14 : 19)
لأنه مكتوب أنا حي يقول الرب انه لي ستجثو كل ركبة و كل لسان سيحمد الله (رو 14 : 11)
و هذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية و هذه الحياة هي في ابنه (1يو 5 : 11)
و الحي و كنت ميتا و ها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين و لي مفاتيح الهاوية و الموت (رؤ 1 : 18)
أرأيتم أن الحياة قائمة في الحب ، فنحن نُقيم في المحبوب ، لأنه منه وبه حياتنا ، لذلك نعي ما قاله الرسول جيداً وندخل فيه كخبرة بإيمان حي :
[ الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة . فان الحياة أظهرت و قد رأينا و نشهد و نخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب و أظهرت لنا . الذي رأيناه و سمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا و أما شركتنا نحن فهي مع الآب و مع ابنه يسوع المسيح. و نكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا . ] (1يو 1: 1 – 4)
فافرحوا يا إخوتي بالمحبوب وعيشوا له وأحبوه من قلوبكم وآمنوا أن لكم فيه حياة ، وقدروا عمله العظيم لأننا مخلوقين فيه وبه ولأجله ، فاعرفوا قدر نفوسكم وأرواحكم وأجسادكم ، لأنكم كإنسان هبه الله وخلقه العظيم [ لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله (1كو 6 : 20) ] ، لذلك نحن مقدسون جداً لأننا خليقة الله المكرمة في المسيح يسوع والمفتداة بدمه الكريم ، فلنا أن نتقدس فيه وتصير آنيتنا آنية كرامة بحلول الكلمة فيها وتطهيرها بالروح ، روح المحبة ، روح المحبوب ، روح الآب ، الذي له المجد والكرامة كل حين وإلى الأبد آمين