سلام ونعمة://
يوحنا المعمدان
الحق أقول لكم: لَم يَقُم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ( مت 11: 11 )
اليوم هو اليوم الثاني في السنة الجديدة القبطيه كل سنة وجميعا بخير، وهو ايضا يوم استشهاد يوحنا المعمدان:
يا لها من شخصية سفير الملك، شخصية نبيلة لها من قوة. لو أنه كان رجلاً ضعيفاً لترك نفسه فوق تيار الحماس المندفع وسمح له أن يجرفه. يا له من مزيج بين القوة والتواضع. لما أوحى إليه الناس بأنه هو المسيح أصرّ بأنه لم يكن سوى مجرد صوت، صوت السفير الذي لا يكاد الناس يلاحظونه لأنهم شخصوا بعيونهم إلى الناحية التي أتى منها ليشاهدوا الملك نفسه، وعندما امتدحوه بسبب تعليمه، قال لهم إن الذي يفرز الحنطة من التبن سوف يأتي. وعندما ازدحموا حول معموديته كرر القول مراراً أنها إنما هي معمودية الماء، أما المسيح فسوف يعمد بالروح القدس ونار.
ويوحنا المعمدان بالإضافة إلى كونه نبيًا، فقد كان ابن كاهن، وبالتالي كان يعرف التوارة جيدًا، ويعرف أيضًا قيمة الذبائح وأهمية الحَمَل. ولكن بالرغم من ذلك، فإنه ـ على الأرجح ـ عندما تحدَّث عن المسيح كحَمَل الله الذي يرفع خطية العالم، نطق بكلمات أبعد من إدراكه في ذلك الوقت ( 1بط 1: 11 ، 12).
يُعتبر يوحنا المعمدان مثالاً رائعاً فعالاً لشخص اختبر عملياً وسلك على مبدأ "التفرغ من الذات".
فعندما وجَه إليه السؤال "ماذا تقول عن نفسك"، كان رده القاطع الحاسم، أنه مجرد "صوت" (يو 1: 23 ) .
فهو عرف أن يجلس في المكان الصحيح، إذ اقتنع أنه مجرد "صوت لصارخِ" ولم يطلب لنفسه "أموراً عظيمة". وهذا هو التفرغ من الذات.
كان شغله الشاغل وهدف عمره أن يعظم شخص المسيح ويعليه. عندما رأى المسيح ماشياً، امتلأ قلبه بالبهجة والسرور وأجاب اثنين من تلاميذه "هوذا حمل الله" (يو 1: 29 ) . فسمعوه يتكلم بإعجاب عن المسيح، فتبعوا المسيح. وعندما تركوه ليتبعوا المسيح، لم نلاحظ في حديثه أي أسف أو مرارة تنتج عن القلب المتكبر المسكين. لأن القلب المفرغ من الذات لا نجد فيه غيرة او حسد . فالشخص الذي تمتع بالتفرغ من ذاته لا يُجرح ولا يحزن عندما تتحول عنه الأنظار. فكان اقتناعه العميق أنه لا شيء على الإطلاق، وشخص الرب يسوع في نظره هو كل شيء. !! ويا لروعته!
وأتى إليه ذات مرة تلاميذه قائلين "الذي كان معك في عبر الأردن الذي أنت قد شهدت له، هو يعمّد والجميع يأتون إليه" (يو 3: 26 ) . وهنا كانت كل العوامل والظروف مهيأة لإثارة الحسد والضغينة في القلب البشرى المسكين. ولكنه أجاب بهذه الروعة "ينبغي ان ذلك يزيد وأنى أنا أنقص" "الذي وولي من فوق هو فوق الجميع" (يو 3: 26 ،31). ويا لها من شهادة نفيسة غالية! شهادة عن كونه لا شيء على الإطلاق، وشهادة لتقدم المسيح في كل شيء.
يا ليتنا نسعى في هذا الطريق المبارك. ونُظهر عملياً في كل تفاصيل الحياة؛ من تصرفات وأقوال هذه الصفة الجميلة؛ "الاتضاع"، ونضع هذا الخادم الأمين امام اعيننا دائما وعندئذ يُسر الرب أن يستخدمنا ويرتاح في داخل قلوبنا، ويبارك كل الحياة