حنانيا البار
وكان في دمشق تلميذ اسمه حنانيا.... فقال له الرب: قُم واذهب ... واطلب في بيت يهوذا رجلاً طرسوسيًا اسمه شاول .. هل كان حنانيا مُهيئًا لكي ينقل التعبير عن الرحمة الإلهية لشخص مثل شاول؟ أو في مقدوره أن يفهم ”الخمر الجديدة“؛ خمر إنجيل المجد المُقبلة على تلك النفس البائسة؟ إنه يعترض بقوله: «يا رب، قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل، كم من الشرور فَعَل بقديسيك في أورشليم. وههنا له سلطان من قِبَل رؤساء الكهنة أن يوثق جميع الذين يدعون باسمك» ( أع 9: 13 ، 14). فلم يَسَع حنانيا إلا أن يفترض الخطأ في كل ما حدث، ومن المستحيل لشخص نظير شاول أن يكون آنية مُلائمة لإظهار فيض الرحمة وملئها. لقد كان شاول نفسه مندهشًا. ففي حديث دار بينه وبين الرب، نقرأ قوله: «فقلت: يا رب، هم يعلمون أني كنت أحبس وأضرب في كل مجمع الذين يؤمنون بك. وحين سُفك دم استفانوس شهيدك كنت أنا واقفًا وراضيًا بقتله، وحافظًا ثياب الذين قتلوه ( أع 22: 19 )
. وكان جواب الرب على حنانيا: «اذهب! لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أُمم وملوكٍ وبني إسرائيل. لأني سأُريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي. فمضى حنانيا ودخل البيت ووضع عليه يديه وقال: أيها الأخ شاول، قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه، لكي تُبصر وتمتلئ من الروح القدس» ( أع 9: 15 - 17).
هذا الإنجيل يحمله حنانيا من لدن الرب إلى شاول ليبدد من نفسه الخوف من الله الذي ملأ نفسه، متكلمًا بالسلام لضميره المُتعب، وبيد رقيقة يسحب سهم التوبيخ، سهم الاقتناع بالذنب. وهكذا قَبِلَ شاول الروح القدس، روح الله، كختم لرسالة الرحمة هذه. وعيناه اللتان كانتا حتى ذلك الحين لا تُبصران إلا الظلام الذي في داخله، استطاعتا الآن أن «تُبصرا» المصدر الذي أتى منه كل شيء؛ إلى وجه يسوع المسيح في المجد. لذا قام واعتمد «وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح: أن هذا هو ابن الله» ( أع 9: 20 ). كان هذا تغيرًا حقيقيًا: تحولاً للإنسان بكُليته، تحطيمًا لإرادته. ثم لا تفوتنا أيضًا ملامح الحياة الجديدة، الإنسان الجديد: فهذه قد تجلَّت من فورها. فقد امتلك السلام مع الله، نتيجة ختم الروح القدس له. وفيما بعد استطاع أن يقول: «آمنت لذلك تكلمت» ( مز 116: 10 ؛ 2كو4: 13)؛ يوم دوى صوته كارزًا بالمسيح في مجامع دمشق.