" الذي ملك علي مملكة الكلدانيين " (دانيال 1:9) تحت حكم كورش ( دانيال 28:6) ، عقب موت بيلشاصر (دانيال 30:5و31).
وترجع شهرته الي المرسوم الذي أصدره والذي أدي إلى طرح النبي دانيال في جب الأسود (7:6 ـ 28) . ويجب عدم الخلط بينه وبين داريوس الأول " هيستاسبس" (521 ـ 486 ق.م.) ، لأنه كان من نسل الماديين (دانيال 1:9) وأسم أبيه أحشويرش ( دانيال 1:9).
وقد ولد داريوس المادي في 601/600 ق.م ، لأنه كان أبن أثنتين وستين سنة عند سقوط بابل (أي في 539ق.م ـ أنظر دانيال 31:5).
ولم يكن داريوس ملكاً على فارس ، بل بالحري كان ملكاً على بابل من قبل كورش ملك فارس (دانيال 28:6) ،ولذلك لم يكن له من السلطان مثلما كان لنبوخذ نصر مثلاً ( أنظر دانيال 29:3) .
ويزعم بعض النقاد أن سفر دانيال كتبه كاتب مجهول في عصر المكابيين (في نحو سنة 164 ق.م.) الذى ظن خطأ أنه كانت هناك مملكة ميدية مستقلة يحكمها داريوس المادي عقب سقوط بابل وقبل أستيلاء كورش ملك فارس عليها . ولكن سفر دانيال لايرسم لداريوس المادي صورة ملك عام علي كل الامبراطورية ، بل بالحرى يذكر بوضوح أنه كان ملكاً تابعاً، فيقول عنه صراحة : "الذي ملك " (أو جعل ملكاً) علي مملكة الكلدانيين (دانيال 1:9) ، كما يذكر أن المملكة " أعطيت لمادى وفارس " ( دانيال 28:5 ) . ومن ثم لم يكن داريوس بقادر أن يغير " شريعة مادي وفارس " (دانيال 15:6) .
ولكن المخطوطات المسماريه التي أكتشفت ونشرت في أوائل القرن العشرين أوضحت الظروف التي أحاطت بسقوط بابل في 539ق.م. والأرجح جداً أن " داريوس المادي " هذا هو أسم آخر " لجوبارو " (Gubaru) الحاكم الذي عينه كورش علي بابل فور فتحها ، فقام بدوره بتولية مئة وعشرين "مرزبانا" أو نائب حاكم في مملكة بابل بعد هزيمتها (دانيال 1:6) . وجوبارو هذا ] ويجب عدم الخلط بينه وبين " يوجبارو " (Ugbaru) حاكم جوتيام والقائد العام لكورش الذي فتح بابل ومات بعدها بثلاثة أسابيع كما جاء في أخبار " نبو نيدوس " [ يتردد أسمه في المخطوطات المسمارية طيلة الأربعة عشر عاما كحاكم لبابل وما وراء النهر (أى الهلال الخصيب ) ، أى أنه كان حاكماً للمنطقة الخصيبة الشاسعة كثيفة السكان :بابل وسورية وفينيقيه وفلسطين ، وكان اسمه يبعث الرعب في المجرمين في تلك المنطقة . أما اطلاق لقب ملك عليه في الأصحاح السادس من دانيال ، فلا خطأ فيه رغم أنه كان ملكا تحت يد كورش ، فهكذا أطلق لقب "ملك " على " بيلشاصر " مع أنه كان نائباً عن " نبو نيدس " (29:5) .
ويقدم لنا سفر دانيال معلومات عن خلفية " داريوس المادي " أكثر مما يقدم لنا عن شخصية بيلشاصر بل وعن نبوخذ نصر نفسه ، فهو الملك الوحيد الذى يذكر اسمه واسم أبيه وعمره وجنسيته . ومع أنه كان ملكاً نائباً مثل بيلشاصر ، الا انه حكم بابل بحزم وكفاءة أكثر من سابقه الخليع . والأهم من ذلك أنه أعطى المجد لإله دانيال ( 25:6 ـ 27 ).